“كريم: “كيف كان أسبوعك؟
“ريم:”لا بأس جيد
“كريم: “كيف كان نومك؟
“ريم:” الحمد لله. أسقط منهكة ليلا لكن أجد صعوبة كبيرة في النهوض صباحا. طاقتي منخفضة
“كريم:”رد فعل طبيعي جدا. سنتابع تأقلم جسمك مع الدواء. هل من ملاحظات أخرى
“ريم:” نعم، كل ما أستيقظ أجد كمية معتبرة من الشعر المتساقط على وسادتي
كريم:”رد فعل طبيعي لإنه من الأعراض الجانبية لمضاد الاكتئاب الذي وصفته لك عليك أن تتحمله. أصلا شعرك بدأ بالتساقط من فقر الدم وسيتمر مع هذا المضاد. أولويتي حاليا هو تعديل النوم. هل تشتكي من الحكة في جلدك؟
“ريم:”لا
“كريم:” وهذا الأهم لإن الحساسية أو الحكة هي عارض جانبي أخر للمضاد. متى كانت أول مرة أخذت فيها المهدئ ولاحظت عوارض الاكتئاب؟
ريم(تعود بذاكرتها للوراء) :”سنة 2008،اجتزت شهادة البكالوريا لأول مرة و لم أتحصل عليها .فشعرت أنني منبوذة في البيت مقارنة بأخي رائد الذي كان بصدد تحضير مشروع تخرجه بكلية المحروقات ببومرداس و أختي الصغرى راندا التي كانت متفوقة بالمتوسطة و كنت أنا الفاشلة الوحيدة بالبيت
“كريم :”هل حدث شيء خلال البكالوريا ؟
ريم :”الجو لم يكن مستقر بالبيت و هذا شوش تركيزي و في نفس الوقت كنت أرى أن أخي و أختي يتفوقان في دراستهما دون معيقات ففهمت أن الخلل مني
“كريم :”ماذا فعلت بعدها؟
ريم :”كانت أول مرة أشعر فيها بحزن عميق جدا وفي نفس الوقت قلق يجتاحني كبركان ثائر. في عطلة الصيف تلك اصطحبنا والدي لزيارة قريبته .لاحظت وجهي الشاحب وعرفت من والدي أنني لم أتحصل على البكالوريا .وكونها تعمل في قطاع الصحة ،أعطتني علبة الدواء الذي داومت عليه خلال 10 سنوات
“كريم :”ماذا حدث بعدها ؟
“ريم :”لاحظت تحسن تدريجي في مزاجي .بدأت أتذوق السعادة و أفكر بإيجابية
“كريم (محدثا نفسه داخليا) “بدأت في تعاطي الدوبامين ” (مسترسلا خارجيا): ” واصلي
“ريم :”في تلك السنة أدخلنا الأنترنت إلى البيت و بدأت أبحث عن كل شيء يمكن أن يرفع من معنوياتي فوجدت كتب التنمية البشرية على الأنترنت
“كريم (مغادرا كرسيه باتجاه الطاولة المجاورة لمكتبه محدثا نفسه يبدو أن لديها أكثر من نوع واحد من الإدمان مديرا ظهره مقاطعا حديثها):”قهوة أم شاي ؟
“ريم :”أفضل قهوة
“كريم :”واصلي رجاء
ريم :”بدأت أقرأ عن الطموح وتحقيق الأهداف .فوضعت في رأسي هدفين الأول بما أنني لا أستطيع الهرب من المنزل سأجتهد في الدراسة. سأحصل على معدل جيد يؤهلني لدخول كلية هندسة و سأرد اعتباري في هذا المنزل اللعين قبل أن أغادره و أقيم بالسكن الجامعي بالعاصمة .و سأجد بعد 5 سنوات حل لكي لا أعود إلى هذا الجحيم وفعلا تحصلت على بكالوريا 2009 و التحقت بالمدرسة العليا المتعددة التقنيات و التي أصبحت تعتمد نظام الأقسام التحضيرية في دفعتنا
“كريم:” أي كنت ضمن الدفعة الأولى للنظام الجديد .كيف أصبح وضعك حينها؟
ريم:” أسوء .كنا فئران تجارب لنظام دراسي جديد يعتمد على الإقصاء من السنة الأولى ثم مسابقة في السنة الثانية وتدرس 100 مادة ولاتعرف الفائدة من كل واحدة. ناهيك عن كمية الأعمال التطبيقية التي نأخذها معنا إلى الإقامة الجامعية ولا أحدثك عن الاستجوابات بمناسبة ودون مناسبة. بل ودرسنا عند مدرسين عديمي الكفاءة ومن بينهم ساديين يجدون متعة في تعذيبنا باختباراتهم التعجيزية
“كريم:” كيف واجهت هذا الضغط؟
ريم: “فعلا شكل النظام الدراسي ضغط كبير. أما الإرهاب الحقيقي هو أن أفشل مجددا. صراحة لم أكن مستعدة. كنت أستعين بنفس الدواء لمواجهة التوتر. أما كتب التنمية البشرية فقد زال مفعولها
“كريم:” تفضلي قهوتك رجاااااااء أكميليها
“ريم:” هل وضعت فيها مهدئ؟
“كريم:”لا
“ريم: “ممممم حلوة جدا. أعتقد أنك وضعت سكر زيادة عن اللازم
“كريم :”رجاء تناوليها كليا
“ريم (مستغربة من اصراره على اكمالها تشرب بتوتر):” أريد أن أذهب إلى دورة المياه
“كريم :”من هنا مباشرة
خرجت ريم تجري واضعة يدها على فمها من الغثيان ثم عادت
“كريم (ببرود):”كيف حالك؟
“ريم (بغضب):”ما الذي وضعته في القهوة .أنا أتألم
كريم (ببرود) :”وهو المطلوب .وضعت سكر زيادة .حتى تفهمي أنه إذا كان جسمك لا يتحمل الجرعة الزائدة من السكر فإن نفسيتك كذلك لا تتحمل جرعة زائدة من الإيجابية والتحفيز. التنمية البشرية هو نوع جديد من الإدمان النفسي. عليك أن تفهمي أن الجرع الزائدة من أي شيء وإن كان حلوا هو عبارة عن جرع مهلكة. أن تتألمي هو تجربة طبيعية في الحياة وأي محاولة هرب منها هي محاولة مؤقتة لا جدوى منها لإن عواقبها فيما بعد وخيمة
ريم محدقة بكريم وتحاول أن تستوعب ما يقول وهي في قمة انفعالها
“كريم (ببرود تام) :”هل نواصل ؟
6 يتبع …نلتقي على حافة الهاوية