على حافة الهاوية (6) لا تخبرني أن الجنة تحت أقدام الأمهات

“كريم (ببرود تام) :”هل نواصل ؟
“ريم (بعدما جلست وهدئت):” أين وصلنا؟
“كريم:” هل نجحت بمسابقة الأقسام التحضيرية؟
ريم:” بصعوبة، تمكنت من حجز مقعد بين 50 ناجح من أصل 200
“كريم:” كيف كان الوضع في المدرسة العليا؟
Génie Industriel ريم:” اخترت تخصص هندسة صناعية

” لم أكن أعرف عنه شيء من قبل. كنت اكتشفه تدريجيا ومع الوقت أحببته. وجدت دروسه تحاكي الواقع الملموس

“كريم:” كيف؟

“ريم:” نتحدث عن المؤسسة، إدارة الموارد، البيع والشراء وندرس حالات كثيرة من السوق ولا نقتصر على النظريات

“كريم:” وهل تحسنت حالتك أنذاك؟
“ريم:” بمجرد انتقالي للمدرسة العليا، قل الضغط وتحسن أدائي في الدراسة إلى أن تخرجت بتقدير جيد جدا
“كريم:” هل عدت إلى البيت بعد التخرج؟
“ريم (مبتسمة):” طبعا


“كريم (متسائلا):” ما الذي تغير وغير رأيك؟
“ريم: “تحسنت علاقتي بوالدي بعدما تحصلت على البكالوريا. أصبح يقدرني ويعاملني مثل رائد وراندا. وقد سامحته عن تفضيله لأخواتي في فترة من فترات حياته
“كريم: “ما الذي دفعك لمسامحته؟
ريم:” استوعبت مؤخرا أن والدي كان شخص مهوس بالدراسة ككل الأباء الجزائريين الذين يبحثون عن مصلحة أبنائهم. تعاطفت معه لإن لولا تصرفه ذلك لما درست وتحصلت على شهادة وها أنا أعمل اليوم وأعتمد على نفسي بعدما غادر الحياة، وغادر كل من رائد وراندا أرض الوطن لبناء مستقبلهم. تصور لو لم أدرس ؟؟؟ لكنت الأن أتسول المال والشفقة
“كريم:” وماذا عن والدتك؟
“ريم (بثقة):” هل تعلم لما عدت إلى البيت؟
“كريم (بفضول):” أخبرني
“ريم:” لأنها لم تعد موجودة فيه
“كريم:” قلت إنها تعيش في مدينة أخرى. هل رحلت؟
“ريم:” أعتبر انفصال والدي عن والدتي أهم قرار صائب قام به والدي في حياته
“كريم (لم يستطع إخفاء دهشته):” بعد أكثر من 20 سنة زواج
ريم:” أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبد. إذا كنت تظن أن 20 سنة عمر ضائع فوالدي لم يكن مستعدة لتضييع ما تبقى منه. وبذلك ضمن لنفسه وفاة كريمة في حضننا نحن أبنائه الثلاثة. رغم حياته البائسة معها. كان رحمه الله يحب الحياة رغم كل شيء.
“كريم: “والدك قبل أن يخوض لعبة الحياة بصدر رحب وهذا ما جعله يحبها. هناك أشياء لا نختارها وعلينا تقبلها
ريم (بين الجد والسخرية):” فهمت تلميحك جيدا. إن كنت تقصد والدتي. فأنا أعي تماما أنني لم أختر هذه المرأة لتكون والدتي وهي بدورها لم تختارني لأصبح ابنتها. ولادتي هي عبارة عن حادثة طبيعية ناتجة من التقاء عشوائي لبويضة بنطفة وعلى إثرها ولدت. رجاء لا تخبرني أن الجنة تحت أقدام الأمهات لأنني إلى اليوم أتساءل كيف للجنة أن تكون تحت أقدام أمهات يدخلون أبنائهم الجحيم في الدنيا قبل الأخرة. أجد أن تقديس الأم في مجتمعنا أعمى ومبالغ فيه ثم أن هذه الأم بشر تخطئ ككل البشر وترتكب جرائم حتى في أولادها. هل تريد أن أستمر ؟؟؟
“كريم (مبتسم مدرك في قرارة نفسه أنه وصل إلى الوتر الحساس): “ريم يمكنك الإستمراركما يمكنك الحديث عما شئت. تذكري لست هنا للمحاكمة
“ريم:” بالمناسبة هذه أول مرة أتحدث عن هذا الموضوع
كريم:” وهو المطلوب. تذكري أنت هنا للحديث بحرية ودون قيود. كما أريد أن أخبرك أن الأعباء الثقيلة التي نفضل حملها وحدنا هي التي تنتهي بتحطيمنا في الأخير. أتركك ترتاحي اليوم موعدنا الأسبوع القادم في نفس التوقيت

 7 يتبع …نلتقي على حافة الهاوية

على_حافة_الهاوية#

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
Notify of
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments