“كريم:” هل من جديد في مشروعك ؟
“ريم: “قدمت لطلب التأشيرة
“كريم:”هذا جيد حديثيني عن رحلتك لتميمون كيف قضيتها؟
ريم:” بسبب الزوابع الرملية تم إلغاء الرحلة وبالتالي لم أذهب لتميمون وحجزت في اليوم الاتي لأدرار وقد كانت نهاية أسبوع ممتعة وسط الكثبان الرملية لأول مرة في حياتي. ركبت الجمل. كما ركبت سيارة رباعية الدفع ويلاه من إحساس ممتع والسيارة تهتز بنا وكأننا في مدينة ألعاب. زرت بعض الزوايا والمكتبات القديمة. أما منظري الشروق والغروب لم يغيبا عن ذهني إلى غاية اليوم. مدينة تشعرك بالراحة وأهلها أهل كرم وضيافة أحببتها
“كريم: “لماذا ولاية أدرار بالتحديد؟ لدينا مدن أخرى بالجنوب
“ريم:” والدي كان يعمل بأدرار في فترة من فترات حياته وهو أيضا يحبها كثيرا حتى أن ألبوم صوره مملوء بذكرياته في أدرار
“كريم:” أراك تحبين القيام بما يفعله والدك.حديثيني عن علاقتك به
ريم (مبتسمة وعينيها تلمع باختلاط الفرح مع الحزن):”علاقتي كانت جد عادية بوالدي. في ذهني هذا الرجل أنجبني وانتهى. مشاعري اتجاهه كانت حيادية وصراحة لم أكن متأكدة إن كان يحبني ويقوم فقط بواجبته كأب من أكل، شرب وملبس وخاصة بعد ما فشلت في اجتياز البكالوريا للمرة الأولى وأدركت لاحقا أنه كان يتصرف هكذا لإنه لم يكن في الأصل زوجا سعيدا مع والدتي التي أذاقته الويل
“كريم:” متى تغيرت معاملته لك؟
ريم :”عندما تحصلت على شهادة البكالوريا ودخلت المدرسة العليا .أحسست بفرق المعاملة أكثر بعد انفصاله عن والدتي صب كل اهتمامه لنا أنا وأختي. وأنا في الجامعة يتصل يوميا ليطمئن على وبعدما تخرجت مكثت معه في البيت كونه متقاعد عن العمل. فأصبح يرافقني وأرافقه في كل مشاوره. حرص على تعليمي القيادة حتى أعتمد على نفسي. حرص على البحث لي عن عمل كأنه يبحث لنفسه. كان يحب الطبخ وقد قضى كل أيامه يعد لنا أطباق شهية. كان يحرص على صحتنا ويسهر لمرضنا. كان يشاركنا أشغال المنزل أحيانا. كان يحب مشاهدة الأخبار ويشرح لي ما يحدث في العالم. كنت أحب ارتشاف فنجان القهوة رفقته في الظهيرة. كان يحرص على ذهابي إلى العمل في الوقت فيوقظني وأجده حضر فطور الصباح. نتحدث في كل شيء من ضغوطات العمل إلى علاقتي مع نذير ومرضي بالنزيف. لم أعتبر هذا الرجل والدي بل كان صديقي الذي رحل ولم يعد
“كريم :”كيف تلقيت نبأ مرضه
ريم:”ذهب في رحلة عادية لزيارة أخي وفجأة توقفت رجله ثم بعد أيام يده فرافقه أخي للكشف وهناك علم بوجود سرطان في المخ. لم يخبرني أحد بكل هاته التفاصيل لأني بعيدة ولن أقدر على شيء إلى أن اتصل بي رائد في يوم وأخبرني أن والدي سيقوم بعملية خفيفة علي القدوم لرؤيته فقط. لم يعطني أي تفاصيل. عندما وصلت أقمت الدنيا وأقعدتها على رأس رائد (سرطان في المخ وتقول لي عملية خفيفة) كان يوما عصيبا عشته في غرفة الإنتظار. استفاق من العملية وحسب الطبيب كل شيء على ما يرام فعدت بعدها بأسبوع للجزائر وتركته مع أخي رائد
“كريم: “ثم ماذا حدث؟
ريم:” عدت للجزائر بعد كابوس عشته لأسبوع وبدأت العيش بمفردي كأن القدر كان يجهزني لشيء ما. انغمست في العمل حتى أشغل نفسي وكنت كل ليلة أكتب جزء من المشروع الذي حدثتك عنه. صراحة لم أتقبل فكرة أن والدي لديه سرطان وقد أفقده في أي لحظة. إلى أن زرته في عيد الأضحى وأدركت فعليا أنه مقبل على النهاية ما هي إلا مسألة ساعة. أنهكته حصص العلاج الكيماوي. والدي الذي تركته خارج من المشفى على قدميه وجدته فوق كرسي متحرك. والدي الذي نعتمد عليه عادة أصبح يعتمد على رائد في كل شيء. هل أحدثك عن أننيه وسط الليل أو هذيانه خلال النهار أوتمرده عن الأكل والشرب. كانت أخرمرة رأيته فيها وكان قلبي يخبرني أن هاتفي سيدق قريبا. إلى أن استيقظت صباح تلك الجمعة واتصل بي رائد ليخبرني أن والدي في ذمة الله
“منفجرة بالبكاء سكتت ريم ثم استرسلت في الحديث “كريم هل تدري ماذا شعرت لحظتها؟
“كريم: “أريد أن أسمع واصلي
“ريم: “شعرت أن الحياة اغتصبتني لحظتها وتركتني عارية وسط صحراء باردة
“كريم يمدها بمنديل ورقي ويطلب منها أن تواصل “رجاء أكملي يمكنك البكاء قدر ما استطعت
ريم:” أنظر إلى النافذة المقابلة والمطر ينزل. شعرت أنني أعبر منعرج لم أمر به من قبل وأن الحياة بعد هذه اللحظة لن تعود كما كانت من قبل. بالكاد تمالكت أعصابي اتصلت بمريم وطلبت منها القدوم واتصلت برئيسي في العمل. بدأ الجيران يتوافدون، ثم أفراد العائلة ورفقائنا الذين لا أعرف جلهم. كنت خارج وعيي قام الجيران وأفراد العائلة بالتحضير لكل شيء. يومان وأنا أنتظر في ذلك التابوت الذي لم يأت حتى اليوم الثالث وضعوه وسط الصالون وأخذت أتأمل فيه غير مصدقة أن والدي أصبح جثة ستدفن بعد أذان العصر. أذن العصر وجاؤا ليخرجوه ولم يتركوا لي الفرصة لأرى وجهه للمرة الأخيرة. لم أصرخ في حياتي كما صرخت ذلك اليوم
“كريم : “واصلي
“ريم :”عما تريدني أن أحدثك ؟
هل أحدثك عن احساسي وأنا أتألم وأتسأل كيف سيقضي أول ليلة له تحت التراب
هل أحدثك عن ذلك الصباح البارد الذي زرته فيه بعد ليلته الأولى في القبر
هل أحدثك عن الأحاديث النمطية التي سمعتها من أشخاص زاروني ويدعون أنهم مروا بالتجربة
هل أحدثك عن الليلة الأولى التي قضيتها بالبيت بعد ما غادر أخواتي وعدت إلى العمل كأن شيئا لم يكن
هل أحدثك عن ليالي الأرق التي عشتها على وسادة لا تنشف
هل أحدثك عن كل شخص سألني عنه ولم يكن يعرف أنه توفي
هل أحدثك عن أول يوم برمضان أو أول يوم بالعيد
هل أحدثك عن احساسي وأنا أقرأ ايميل قبول مشروعي، التفت خلفي فوجدت ظلي ولم أجد أحد
كريم هل تردني أن أحدثك عن جحيم لايهدأه مسكن ولا منوم ولا أي شيء غير أحباب أوفياء تجدهم وقت الشدة وتبكي دون توقف إن كان ذلك على سماعة الهاتف مع نزيم الذي أتصل به في أي وقت أو مريم التي ما ألبث أن أراها حتى أرتمي في حضنها كطفلة صغيرة تبحث عن الدفء والأمن أو ليلى التي لم تتوقف عن زيارتي كل ما سنحت لها الفرصة. كريم أنا خائفة كل الذين أحبهم يرحلون أريد أن أرحل قبلهم. لم أعد أشعر بالأمان في هاته الدنيا. أنا متعبة من الوجع. أنا مرهقة من الألم الذي لاينته
كريم: “هذا كاف إلى اليوم سأعطيك مهدىء أخر تشربينه قبل النوم مع ذلك الذي أعطيته لك سابقا. أريد أن أراك بعد أسبوعين في نفس التوقيت. لإن سأكون في مهمة الأسبوع القادم
18 يتبع …نلتقي على حافة الهاوية
سلام عليكم سلمى
. لقد قرأت و تاثرت, قرأت و تاثرت ,قرأت و تاثرت ,حقيقة لم اكن اعلم أن هده هي سلمى التي تجرعت من كأس المرارة انت مثل التراب
اللدي يصهر بدرجة حرارة عالية جدا فيخرج منه معدن الحديد الصلب اللدي لا تهزمه كل الظروف المناخية. ربي معاك انشاء الله